تعد أدوات الدين بمختلف أشكالها أحد أهم أدوات التمويل الحكومي وللشركات.
على مدار السنوات الماضي برزت الصكوك كأحد أهم الأدوات التي انتهجتها الدول بجانب السندات في تمويل احتياجاتها وتوفير السيولة، ما فتح الباب حول تساؤلات عديدة أبرزها ما هي الفروق بين الصكوك والسندات؟ وكيف يؤثر كل منهم على الاقتصاد؟ وما أبرز الدول العربية التي اتجهت إلى الصكوك الإسلامية كأحد أدوات التمويل؟
في التقرير التالي تجيب “العين الإخبارية” وفق عدد من المصادر الاقتصادية وخبراء التمويل والاستثمار كافة التفاصيل الخاصة بالسندات والصكوك .
الصكوك.. البديل الإسلامي للسندات
برزت الصكوك الإسلامية خلال العقدين الماضيين كأداة تمويلية متطورة وفرت للمستثمرين في العالم الإسلامي، وغيرهم، فرصة المشاركة في أدوات متوافقة مع أحكام الشريعة. وتقوم الصكوك على مبدأ الملكية المباشرة، إذ تمثل حصة شائعة في أصل أو مشروع استثماري، ما يتيح لحاملها الحصول على عوائد من الأرباح المتحققة، مع تحمله جزءاً من المخاطر في حال تكبد المشروع خسائر.
وبحسب معايير هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية (أيوفي)، فإن الصكوك عبارة عن أوراق مالية تمثل ملكية حقيقية غير قابلة للتجزئة في أصول أو منافع أو مشاريع محددة، ما يميزها عن السندات التي تعد مجرد التزام دين، ولهذا السبب، ينظر إلى الصكوك كأداة ترتكز على أصول إنتاجية وليست مجرد التزام ورقي.
السندات.. أداة دين ثابتة العائد
على الجانب الآخر، تعد السندات من أبرز الأدوات المالية في الأسواق العالمية. فهي التزام تعاقدي بين الجهة المصدرة سواء كانت حكومة أو شركة والمستثمر، يتم بموجبه سداد أصل الدين عند الاستحقاق، إلى جانب دفعات دورية من الفائدة بغض النظر عن نتائج المشروع أو النشاط الممول.
وبذلك، تمنح السندات المستثمرين عائداً ثابتاً يوفر درجة من الاستقرار واليقين بشأن التدفقات النقدية المستقبلية، لكنها تفتقر إلى عنصر المشاركة في الأرباح أو المخاطر، بخلاف ما هو الحال في الصكوك.
الفروق الجوهرية بين السندات والصكوك
رغم تشابههما في كون كل منهما وسيلة لتمويل السيولة، فإن الفروق بينهما واضحة:
- الملكية: السند يمثل ديناً، بينما الصك يعكس ملكية حقيقية في أصل أو مشروع.
- العوائد: السند يقدم فائدة ثابتة، أما الصكوك فمرتبطة بالأرباح المحققة.
- المخاطر: حامل السند لا يتحمل خسائر المشروع، في حين يتأثر مالك الصكوك بأداء الأصل.
- الضمان: السندات غالباً ما تكون مضمونة بسداد أصل الدين والفائدة، أما الصكوك فلا تقدم هذا الضمان المطلق.
- التوافق الشرعي: السندات قائمة على الفائدة، في حين تستند الصكوك إلى عقود شرعية مثل الإجارة والمضاربة والمرابحة.
أثر السندات والصكوك على الاقتصاد
تلعب الصكوك والسندات دوراً بارزاً في تحريك عجلة النمو الاقتصادي، ولكن بآليات مختلفة تماما فالسندات تمنح الحكومات والشركات أداة سريعة لسد عجز الموازنات أو تمويل المشروعات، لكنها ترفع في المقابل من حجم الدين العام والالتزامات المستقبلية، بينما توفر الصكوك تمويلاً مستداماً قائماً على المشاركة في المخاطر، ما يرسخ الانضباط المالي، ويشجع الاستثمار في أصول إنتاجية حقيقية، فضلاً عن جذب رؤوس الأموال الباحثة عن منتجات مالية متوافقة مع الشريعة.
الصكوك والأسهم.. نقاط التلاقي والافتراق
من زاوية أخرى، تتشابه الصكوك مع الأسهم من حيث كونهما يمثلان ملكية في أصول أو مشاريع، لكن الفارق أن الصكوك محددة الأجل وتنتهي مع استرداد القيمة أو تصفية المشروع، بينما الأسهم دائمة بدوام الشركة. كما أن حامل السهم شريك في الإدارة، أما مالك الصك فهو مجرد مستثمر لا يشارك في اتخاذ القرار.
مصر.. توسع متزايد في الصكوك
وفي السياق الإقليمي، يبرز السوق المصري كأحد النماذج النامية في هذا المجال، إذ توقع الدكتور محمد البلتاجي، رئيس الجمعية المصرية للتمويل الإسلامي، أن تصل إصدارات الصكوك إلى نحو 20 مليار جنيه بنهاية 2025.
وأوضح لـ”العين الإخبارية” أن إجمالي الإصدارات بلغ حتى نهاية فبراير/شباط الماضي نحو 94.8 مليار جنيه، كان آخرها إصدار البنك التجاري الدولي لصالح شركة “تساهيل للتمويل” بقيمة 7 مليارات جنيه، بينما تستعد شركة “بكرة القابضة” لطرح صكوك بـ3 مليارات جنيه.
وأشار البلتاجي إلى أن الأصول المالية المدارة وفق مبادئ الشريعة الإسلامية تقدر عالمياً بنحو 2.5 تريليون دولار، مؤكداً أن التمويل الإسلامي قادر على دعم معدلات النمو عبر توسيع قاعدة المستفيدين من الخدمات المصرفية.
النمو العالمي للصكوك
وعلى الصعيد الدولي، توقعت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني أن يتجاوز إجمالي الصكوك العالمية القائمة تريليون دولار في 2025، بعد أن سجلت بنهاية 2024 نحو 930 مليار دولار، محققة نمواً سنوياً بنسبة 10%، رغم التحديات الاقتصادية والجيوسياسية.
وأكدت الوكالة أن الصكوك باتت تشكل عنصراً أساسياً في أسواق الدين المقومة بالدولار داخل دول مجلس التعاون الخليجي وماليزيا وإندونيسيا وتركيا وباكستان، حيث استحوذت على نحو 25% من الإصدارات.
توزيع الإصدارات عالمياً
أما على صعيد الإصدارات الجديدة، فقد أظهر تقرير لشركة بيتك كابيتال أن السعودية جاءت في المرتبة الأولى من حيث اصدار الصكوك خلال العام الماضي بنسبة 38.7%، ثم دولة الإمارات بنسبة 15.6، كما استحوذت الصكوك لأجل خمس سنوات على الحصة الأكبر بنسبة 38%.
aXA6IDUxLjkxLjIyNC4xNDQg
جزيرة ام اند امز