أفاد مفوض وزارة الدفاع الألمانية للبرلمان “البوندستاغ” هينينغ أوته بأن أي وجود عسكري ألماني محتمل في أوكرانيا سيمثل “تحديًا هائلاً” للجيش الألماني “البوندسفير”. يأتي هذا التصريح في ظل مناقشات دولية حول تقديم ضمانات أمنية لكييف، وفي أعقاب تصريحات للرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب حول نية بعض الدول الأوروبية نشر قوات في أوكرانيا.
في تصريح لإذاعة Deutschlandfunk، أوضح أوته أن نشر لواء يضم حوالي 5000 جندي للمشاركة في ضمانات الأمن لأوكرانيا سيشكل ضغطًا كبيرًا على البوندسفير. وأشار إلى أن الجيش الألماني لم يصل بعد إلى هدفه المتمثل في زيادة حجمه إلى 260 ألف جندي، وأن إضافة مهام جديدة دون زيادة القوى البشرية سيؤدي إلى إرهاق القوات.
كما شدد أوته على أنه لا يتصور نشر جنود ألمان في أوكرانيا دون مشاركة القوات الأمريكية، مؤكدًا على ضرورة “أن يكون ترامب مستعدًا للمساهمة بدوره”. يأتي هذا التعليق بعد تصريح لترامب ذكر فيه أن فرنسا، وألمانيا، وبريطانيا ترغب في نشر قوات في أوكرانيا، بينما أكد هو أن الولايات المتحدة لن تنشر قواتها خلال فترة رئاسته.
من جهته، كان وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس قد صرح في وقت سابق بأن ألمانيا وشركاءها يعملون على موضوع المشاركة المحتملة في ضمانات الأمن لأوكرانيا. كما صرح المستشار فريدريش ميرتس بأنه لا يزال من المبكر إعطاء إجابة نهائية حول هذا الموضوع، مؤكدًا أن مسألة من سيساهم في هذه الضمانات يجب أن تُناقش مع الشركاء الأوروبيين والحكومة الأمريكية.
تحليل إخباري: تباين المواقف وتحديات الواقعية
تُسلط التصريحات الألمانية حول نشر قوات في أوكرانيا الضوء على التناقضات والتعقيدات التي تواجهها الحكومات الأوروبية في مسألة دعم كييف. فمن جهة، هناك التزام سياسي بتقديم دعم قوي لأوكرانيا في مواجهة روسيا، وهو ما دفع دولًا مثل ألمانيا إلى مناقشة إمكانية توفير ضمانات أمنية. ومن جهة أخرى، يبرز الواقع العسكري والاقتصادي كعقبة كبيرة أمام تنفيذ هذه الالتزامات.
يُظهر تحذير مفوض وزارة الدفاع الألمانية، هينينغ أوته، وجود قلق حقيقي داخل المؤسسة العسكرية الألمانية من إرهاق القوات الحالية. فالبوندسفير يواجه بالفعل تحديات في التجنيد والتسليح، والالتزام بمهام جديدة دون حل هذه المشاكل يمكن أن يُضعف قدراته القتالية على المدى الطويل. هذا التحذير يعكس توجهًا براغماتيًا يُفضل الواقعية على الاندفاع في الالتزامات السياسية الكبرى.
كما أن ربط أوته نشر القوات الألمانية بمشاركة القوات الأمريكية يشير إلى عمق الاعتماد الأوروبي على المظلة الأمنية الأمريكية، لا سيما في سياق النزاعات الكبرى. هذا الاعتماد يضع أوروبا في موقف حرج، خاصة مع تصريحات دونالد ترامب التي تثير الشكوك حول استمرارية الدعم الأمريكي في حال عودته إلى الرئاسة. وتُظهر هذه التباينات بين المواقف الأوروبية والأمريكية وجود انقسام محتمل حول كيفية إدارة التداعيات الأمنية للوضع في أوكرانيا، ما يجعل من التوصل إلى استراتيجية موحدة أمرًا بالغ التعقيد.
باختصار، تُظهر هذه التطورات أن الحوار حول ضمانات الأمن لأوكرانيا لا يزال في مرحلة مبكرة، وأن التحديات اللوجستية والسياسية تُلقي بظلالها على أي قرارات مستقبلية. فالمسألة ليست مجرد إعلان التزام، بل هي تحديد من سيتحمل التكاليف، وكيف سيتم تنسيق الجهود، وما هو حجم المخاطرة التي ستقبل بها كل دولة.