في تحول لافت في قوانين الشريعة بماليزيا، أثارت ولاية ترينغانو جدلًا واسعًا بعد أن شددت العقوبات على المتخلفين عن صلاة الجمعة بدون عذر مقبول، لتصل إلى السجن عامين وغرامة مالية. هذا التشديد القانوني، الذي أقره حزب PAS الإسلامي الحاكم في الولاية، يفتح الباب أمام نقاش حول تطبيق الشريعة الإسلامية، ومدى تأثيرها على الحريات الفردية، والنظام القانوني المزدوج في البلاد.
قوانين أكثر صرامة
بموجب التعديلات الجديدة، التي دخلت حيز التنفيذ هذا الأسبوع، يمكن أن يواجه الرجال المتغيبون عن صلاة الجمعة لأول مرة عقوبة بالسجن تصل إلى عامين، وغرامة تصل إلى 3,000 رينغيت ماليزي، أو كلتا العقوبتين. تأتي هذه القوانين أكثر صرامة بكثير من القواعد السابقة التي كانت تقتصر على الغياب عن ثلاث صلوات جمعة متتالية، بعقوبة قصوى لا تتجاوز ستة أشهر سجن أو غرامة 1,000 رينغيت.
ويهدف التطبيق إلى تعزيز الانضباط الديني، وسيتم الاعتماد على بلاغات من العامة ودوريات مشتركة مع إدارة الشؤون الإسلامية.
ردود فعل متباينة
أثار هذا القرار انتقادات شديدة من منظمات حقوق الإنسان، التي وصفت الإجراءات بأنها “صادمة”. فيل روبرتسون من منظمة حقوق الإنسان والعمل في آسيا (AHRLA) أكد أن هذا النوع من القوانين يسيء إلى الإسلام، ويعتبر انتهاكًا لحرية الدين والمعتقد، التي تشمل الحق في عدم المشاركة.
من جانب آخر، تدافع السلطات المحلية عن القرار، مشيرة إلى أن العقوبات ستُفرض كحل أخير، وأن صلاة الجمعة ليست مجرد شعيرة دينية، بل هي “تعبير عن الطاعة” بين المسلمين. هذا التباين في وجهات النظر يعكس الانقسام بين من يؤيدون تطبيق الشريعة بحزم، وبين من يرون في هذه الإجراءات تجاوزًا للحريات الفردية.
سياق سياسي وقانوني أوسع
هذه الخطوة ليست معزولة، بل تندرج ضمن سياق سياسي أوسع في ماليزيا، حيث يسعى حزب PAS، الذي يسيطر بالكامل على ولاية ترينغانو، إلى تشديد تطبيق القوانين الدينية في الولايات الأربع التي يحكمها. هذا النفوذ السياسي القوي، وغياب المعارضة في الجمعية التشريعية للولاية، يمنح الحزب حرية أكبر في تمرير مثل هذه التشريعات.
تجدر الإشارة إلى أن ماليزيا تعتمد نظامًا قانونيًا مزدوجًا، حيث تتعايش محاكم الشريعة، التي تحكم في القضايا الشخصية والعائلية للمسلمين، مع المحاكم المدنية. وقد شهد هذا النظام توترات سابقة، مثل محاولات ولاية كيلانتان المجاورة لتوسيع نطاق القانون الجنائي للشريعة في 2021، والتي قوبلت برفض المحكمة الفيدرالية الماليزية عام 2024، ما أثار احتجاجات من أنصار الحزب.
تُسلط هذه القوانين الجديدة في ترينغانو الضوء على الجدل الدائر في ماليزيا حول التوازن بين تطبيق الشريعة وحماية الحقوق الفردية، كما تُظهر التحديات التي يواجهها النظام القانوني المزدوج في البلاد.