العمل الإنساني.. الإمارات أولا

شارك هذه المقالة مع أصدقائك!



في التاسع عشر من أغسطس/آب من كل عام، يقف العالم دقيقة إجلال لصوت الضمير الإنساني، محتفياً باليوم العالمي للعمل الإنساني، ذلك اليوم الذي يذكر البشرية بقيمة العطاء وأهمية مد يد العون في مواجهة الأزمات والكوارث.

وفي هذا اليوم، يحق لدولة الإمارات أن تفخر بمكانتها كصوت بارز للعطاء الإنساني، بعدما أصبحت أرقام مساعداتها شاهدة على نهج رسخته القيادة منذ تأسيس الدولة على يد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، وواصلت حمله بحزم ورؤية القيادة الرشيدة بقيادة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة.

لطالما تميزت دولة الإمارات بسخائها، الذي ينبثق من التراث العربي والإسلامي، ويعكس قيم الدولة في الدعم غير المشروط للبشرية، في ظل إيمانها الراسخ بأن استقرار ورخاء الدول شرط أساسي لإحلال السلام والازدهار، كما ترى أن ازدهار هذه الدول يرتبط بازدهارها هي، بوصفها مركزاً مالياً ولوجستياً وتجارياً حيوياً للشرق الأوسط وأفريقيا وآسيا.

فالأرقام تكشف بجلاء حجم الحضور الإماراتي في خارطة الإغاثة الدولية، حيث بلغ عدد المستفيدين من المساعدات الخارجية التي قدمتها حتى منتصف عام 2024، أكثر من مليار شخص، وبقيمة تجاوزت 368 مليار درهم، في مؤشر وضع الإمارات ضمن كبار المانحين عالمياً، ليس فقط من حيث القيمة، وإنما أيضاً من حيث التأثير المباشر في حياة الملايين.

وليس هذا الحضور وليد اللحظة، بل هو امتداد لمسيرة تاريخية بدأت مع إنشاء صندوق أبوظبي للتنمية عام 1971، الذي أسسه الشيخ زايد لتأطير المساعدات الخارجية، تعزز هذا الزخم مع تأسيس مؤسسات رائدة مثل مؤسسة زايد للأعمال الخيرية والإنسانية، ومؤسسة خليفة الإنسانية، ومؤسسة محمد بن راشد للأعمال الخيرية والإنسانية، إلى جانب هيئة آل مكتوم الخيرية وجمعية الشارقة الخيرية، وكان تأسيس “الهلال الأحمر الإماراتي” عام 1983 خطوة فارقة جعلته ذراعاً رئيسية في المساعدات الخارجية.

وفي عام 2008، أنشئ مكتب تنسيق المساعدات الخارجية ليعمل على توثيق وتنسيق الجهود، وتطور لاحقاً ليصبح وزارة التعاون الدولي والتنمية، ثم اندمجت في وزارة الخارجية عام 2016، لتطلق بعدها سياسة الإمارات للمساعدات الخارجية عام 2017، في خطوة عززت تنظيم العمل وضمان وصول الدعم إلى مستحقيه.

هذا الإرث المؤسسي انعكس في الاستجابات الكبرى للأزمات الطارئة ومناطق الحروب والصراعات، حيث تقود دولة الإمارات الجهود الدولية لمساعدة وإغاثة ضحاياها، وفي مقدمهم الفلسطينيون في قطاع غزة، إذ شكلت المساعدات الإماراتية نسبة 44% من مجمل المساعدات الدولية إلى القطاع، وفقا للتقارير الأممية.

وأطلقت سلسلة من المبادرات لدعم قطاع غزة بدأت بمبادرة “تراحم من أجل غزة”، التي شارك فيها أكثر من 24 ألف متطوع من أبناء الإمارات، أعدوا بأنفسهم 71 ألف سلة إغاثية، ثم جاءت مبادرة “الفارس الشهم 3″، من كبرى العمليات الإغاثية في التاريخ العربي المعاصر، ففي أقل من 500 يوم، قدمت الإمارات جواً وبحراً وبراً أكثر من 65 ألف طن من المساعدات، بقيمة فاقت 1.2 مليار دولار، ومن رحمها ولدت مبادرة “طيور الخير” التي لا تزال تمد غزة جواً بآلاف الأطنان من المساعدات، إلى جانب إجلاء آلاف الجرحى لتلقي العلاج.

وفي السودان، برزت جهود دولة الإمارات الإنسانية حيث قدمت مساعدات وصلت قيمتها إلى أكثر من 3.5 مليار دولار على مدار عقد من الزمان منها 600 مليون دولار منذ بدء الأزمة، خصصت منها 70 مليوناً لوكالات الأمم المتحدة، ووفرت عبر جسر جوي وبحري نحو 10 آلاف طن من المواد الإغاثية.

ومنذ اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية في 2022، لعبت دولة الإمارات دوراً إنسانياً بارزاً رسخ مكانتها كجسر رحمة وسلام، حيث سارعت إلى إرسال جسور جوية وبحرية حملت آلاف الأطنان من المساعدات الغذائية والطبية، وقامت بـ16 وساطة نجحت خلالها في تبادل عدد ضخم من الأسرى بين الدولتين وصل إلى 4300، وهو رقم كبير يجسد إنجازاً دبلوماسياً وإنسانياً غير مسبوق في تلك الأزمة.

وفي أزمة اليمن التي اندلعت عام 2015، قدمت دولة الإمارات وما زالت دعماً إنسانياً وتنموياً غير مسبوق، مما جعلها في طليعة الدول المانحة للمساعدات في المنطقة، وحتى عام 2025، وصلت قيمة المساعدات نحو 7 مليارات دولار، شملت قطاعات حيوية مثل الصحة والتعليم والغذاء والطاقة والمياه والبنية التحتية.

أما على صعيد الكوارث الطبيعية والأزمات الطارئة، فحدث ولا حرج، فقد كانت دولة الإمارات دوما في الصفوف الأولى، مسجلة حضوراً إنسانياً لافتاً يضاهي حجم المأساة، فمن فيضانات باكستان عام 2010، إلى زلزال هايتي في العام نفسه، مروراً بزلزال نيبال عام 2015، وصولاً إلى كارثة زلزال تركيا وسوريا في 2023، ثم زلزال ميانمار في 2025، وأخيراً حرائق ألبانيا التي لا يزال الفريق الإماراتي يشارك في إخمادها، ظلت الإمارات تبادر بجسور جوية وبحرية، وتوفد فرقها المتخصصة لتكون العون والسند للمكلومين.

وفي ميدان الأوبئة، يظل العالم يتذكر الدور الريادي للإمارات إبان جائحة كورونا عام 2020، حين تحولت إلى مركز عالمي للعطاء الإنساني وشريان حياة لملايين المحتاجين عبر القارات، إذ أرسلت مساعداتها الطبية والمعيشية إلى أكثر من 135 دولة. ولم يكن الدعم مادياً فحسب، بل أنشأت مدينة إنسانية متكاملة لاستقبال المرضى من مختلف أنحاء العالم، في رسالة طمأنة عبّر عنها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان بجملته الشهيرة: “لا تشلون هم”، التي بثت الأمن والطمأنينة في قلوب الناس.

ولم يقتصر العطاء الإماراتي على ميادين الحروب والكوارث والأوبئة، بل تميز بمبادرات نوعية راسخة الأثر، أبرزها “بنك الإمارات للطعام” الذي نجح عام 2024 في الوصول إلى أكثر من 28.9 مليون مستفيد بزيادة فاقت 55% عن العام السابق، موزعاً أكثر من 16 ألف طن من الطعام داخل الدولة وخارجها. كما واصلت “مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم العالمية” أداء رسالتها السامية، مخصصة 1.8 مليار درهم في عام 2023 لمشاريع إنسانية وتنموية، امتد أثرها ليشمل 111 مليون شخص في 105 دول.

ومنذ تأسيسها عام 2015، نفذت “سُقيا الإمارات” أكثر من ألف مشروع مياه، استفاد منه 15 مليون شخص في 37 دولة، ومن المتوقع أن يصل عدد المستفيدين في تنزانيا إلى مليون بحلول الربع الثالث من 2025، وكذلك مبادرة “إرث زايد الإنساني” التي أعلن عنها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان عام 2024 بقيمة 20 مليار درهم لدعم الفئات الأكثر ضعفاً حول العالم.

هذه ليست مجرد أرقام، بل هي قصص إنسانية تعكس كيف تتحول الإمارات إلى بوصلة أمل في عالم يعصف به العنف والكوارث، فحين تتصدر الدولة قائمة المانحين لغزة، أو تنقذ ملايين السودانيين من المجاعة، أو تمنح ملايين الأسر حول العالم لقمة آمنة عبر بنك الطعام، فإنها لا تؤدي واجباً عابراً، بل ترسخ نهجاً ثابتاً تأسست عليه وأسست به قيماً إنسانية لا تُمحى.

الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة



‫0 تعليق

اترك تعليقاً