«الحلفاء الديمقراطية».. ذراع «داعش» الدموية وسط أفريقيا

شارك هذه المقالة مع أصدقائك!



في أعماق غابات الكونغو الديمقراطية وعلى تخوم الحدود مع أوغندا، يتنامى نفوذ «قوات الحلفاء الديمقراطية» (ADF)، أحد أخطر التنظيمات الإرهابية في أفريقيا.

هذه الجماعة التي بدأت كتحالف بين متطرفين دينيين ومعارضين سياسيين أوغنديين، تحوّلت اليوم إلى ذراع دموية تابعة لتنظيم داعش في أفريقيا الوسطى، بحسب مجلة “لوبوان” الفرنسية.

ومن مجزرة “كوماندا” حيث ذُبح أكثر من أربعين مدنياً داخل كنيسة كاثوليكية، إلى سيطرتها على مناطق غنية بالذهب والغابات، تمثل «قوات الحلفاء الديمقراطية» تهديداً وجودياً للدول الهشة في منطقة البحيرات الكبرى. فمن أين جاءت هذه الحركة؟ وكيف تحولت من معارضة محلية إلى جماعة إرهابية عابرة للحدود؟ وما حقيقة مشروعها لإقامة “خلافة” في قلب القارة السمراء؟

مجزرة كوماندا

في ليلة 26 – 27 يوليو/تموز، شهدت بلدة كوماندا الصغيرة في مقاطعة إيتوري هجوماً مروّعاً. أكثر من 43 مدنياً قُتلوا بوحشية، معظمهم أثناء قداس ليلي داخل كنيسة. وبينما أكدت المصادر الرسمية حصيلة أولية بثلاثين قتيلاً، تحدثت مصادر أخرى عن عشرات الضحايا.

وقالت المجلة الفرنسية إن المسؤولية وُجهت مباشرة إلى ADF، التي أثبتت مرة أخرى قدرتها على الضرب بقسوة رغم العمليات العسكرية المشتركة بين أوغندا والكونغو.

جذور التنظيم

تأسست في تسعينيات القرن الماضي، نتيجة تحالف بين متطرفين متأثرين بالفكر الإرهابي وبعض المعارضين الأوغنديين لنظام الرئيس يوري موسيفيني.

وبعد طردها من أوغندا، وجدت الجماعة ملاذاً في جبال الكونغو الشرقية، حيث استغلت ضعف الدولة لفرض وجودها.

تحت قيادة موسى سيكا بالوكو منذ 2015، تحولت الجماعة بشكل متزايد إلى التطرف والإرهاب، وأعلنت ولاءها لتنظيم داعش عام 2019.

وتعقيبا على ذلك، قال الباحث الكونغولي جاريبو موليوفيو، المتخصص في النزاعات بمنطقة البحيرات الكبرى، لـ”العين الإخبارية” إن هذه الجماعة “مزيج خطير بين التطرف الديني والمافيا الإجرامية”، مؤكداً أن ضعف التنسيق بين الجيوش المحلية، خاصة القوات الأوغندية والكونغولية، أعطى التنظيم مساحة كبيرة للمناورة.

وأضاف أن “محاولات التفاوض السرية مع ADF جعلتها تصعّد هجماتها لإظهار قوتها”، موضحاً أن “التنظيم يملك قدرة عالية على التكيف والانتشار، مستفيداً من الفوضى الأمنية”.

هل هي حرب دينية؟

رغم أن الجماعة ترفع شعارات دينية وتستهدف الكنائس والمسيحيين، إلا أن عنفها لا يقتصر على ديانة معينة. فقد هاجمت أيضاً مساجد وقتلت أئمة.

ووفقاً للباحث الكونغولي فإن الخطاب ديني لكن الواقع سياسي واقتصادي: السيطرة على الأراضي، ابتزاز السكان، واستغلال الموارد.

مصادر التمويل

ولا تعيش الجماعة على دعم خارجي فقط، بل بنت شبكة اقتصادية داخلية قوية عبر استغلال مناجم الذهب والغابات، وفرض ضرائب على المزارعين والتجار وحقوق مرور على الطرق، وإدارة متاجر صغيرة وصيدليات تُستخدم كغطاء لوجستي، وهذه الموارد تجعلها مستقلة نسبياً، وصعبة الاستئصال.

حلم بالخلافة

رغم تبني خطاب ما يسمى بـ”الخلافة”، يؤكد الخبراء أن الجماعة ليست قادرة على إسقاط حكومات أوغندا والكونغو. لكنها تحقق مكاسب جغرافية خطيرة: السيطرة على أجزاء واسعة من إقليم بني (Beni) شمال كيفو، وفرض الضرائب، إدارة الموارد، وبسط نفوذ شبيه بسلطة بديلة للدولة، وهذا بحد ذاته، “يعد انتصاراً استراتيجياً يعزز خطاب الإرهاب في أفريقيا”.

ولم تعد قوات الحلفاء الديمقراطية (ADF) مجرد حركة تمرد محلية، بل أصبحت جماعة إرهابية عابرة للحدود تتغذى على ضعف الدول وانهيار مؤسساتها. ولأنها تمزج بين العقيدة الإرهابية والممارسات الإجرامية المنظمة، فهي اليوم تمثل تهديداً مضاعفاً: مشروع “خلافة” دموية من جهة، و”دولة مافيا” مسلحة من جهة أخرى.

ويرى أستاذ العلوم السياسية بجامعة كيسانغاني (الكونغو)، ألفونس مايندو، في حديث لـ”العين الإخبارية” أن “الجماعة الإرهابية تزدهر في ظل انهيار المؤسسات الحكومية وضعف الحضور الشرعي للدولة في مناطق مثل بني وإيتوري”.

وأوضح أن هذه الجماعة لا تشكل فقط تهديداً أمنيًا، بل تمثل حالة نموذجية لمزج العصابات الإرهابية والمحلية التي تستغل الفوضى لتحقيق مكاسب سياسية واقتصادية.

ويتطلب التصدي لها استراتيجية شمولية، لا تقتصر على القوة العسكرية بل تشمل تعزيز التنمية المحلية، إعادة بناء الثقة، ودفع النخب المحلية والجهات المجتمعية للانخراط في عملية حماية مجتمعاتهم لأنفسهم، بحسب مايندو.

aXA6IDUxLjkxLjIyNC4xNDQg جزيرة ام اند امز FR



‫0 تعليق

اترك تعليقاً