غابات سوريا في مواجهة نيران المناخ.. تدمير محاصيل وتهديد حياة الآلاف (حوار)

شارك هذه المقالة مع أصدقائك!



تواجه الغابات في الشرق الأوسط خلال السنوات الأخيرة تحديات بسبب موجات الحر التي تؤدي إلى إحداث حرائق يصعب السيطرة عليها.

تتمتع سوريا بغابات في مناطق مختلفة من البلاد، وهي بالطبع تؤوي تنوعًا بيولوجيًا خاصًا، ولها دور كبير في دعم السكان المحليين، لكن مع تفاقم الاحترار العالمي، تزداد وتيرة موجات الحر التي تتسبب في إحداث حرائق للغابات في سوريا، ويصعب إخمادها في أوقات كثيرة، ما يُكلف البلاد خسائر اقتصادية وقد تُزهق الأرواح أيضًا.

ويجدر بالذكر أنّ سوريا تقع في نطاق منطقة الشرق الأوسط، وهي من أكثر المناطق المتأثرة بشدة بسبب التغيرات المناخية، وفي يوليو/تموز 2025، تعرضت بعض المناطق في محافظة اللاذقية بسوريا لموجة واسعة من حرائق الغابات، فقدت على إثرها آلاف الهكتارات من الأراضي الزراعية والحرجية.

وفي هذا الصدد، تواصلت “العين الإخبارية” مع كنزي عزمي، مسؤولة الحملات الإقليمية في غرينبيس الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، لشرح تبعات تلك الحرائق، وموضع ملف الغابات في العمل المناخي.

كيف تأثرت الغابات في سوريا بالحرائق؟

في يوليو/تموز، خسرت سوريا 15000 هكتار من الأراضي الزراعية والحراجية، منها 2194.7 هكتار من الأراضي الزراعية و12805.3 هكتار من المناطق الحرجية. وتقدّر وزارة الزراعة السورية أن هذه الخسائر تعادل 2.42% من الغطاء الحرجي في البلاد. وقد فقدت سوريا بين عامي 2011 و2023 نحو 28% من غطائها الشجري، أي ما يعادل 29500 هكتار، وفقا لموقع Global Forest Watch.

تواجه منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا حرائق الغابات مع ارتفاع الحرارة؛ فما تأثير ذلك على اقتصاد المناطق المتضررة؟

حرائق الغابات قد تمتد لتطول الأراضي الزراعية المجاورة، ما يؤدي إلى تدمير المحاصيل وفقدان موسم زراعي كامل، أو حتى تضرر التربة بشكل يقلل من إنتاجيتها على المدى المتوسط والطويل.

في مناطق تعتمد على الزراعة كمصدر رئيسي للدخل وفرص العمل، مثل المناطق الريفية أو الجبلية في سوريا والمغرب و لبنان، يمكن أن تتسبب الحرائق في خسائر اقتصادية كبيرة تؤثر على معيشة آلاف الأسر، وترفع أسعار بعض المنتجات الزراعية محليًا.

كذلك يمثل الغطاء الحرجي موردًا اقتصاديًا مهمًا، كاستخدامه في إنتاج الأخشاب، أو من خلال الاستفادة منه في أنشطة اقتصادية مثل السياحة البيئية. تدمير الغابات بفعل الحرائق يعني فقدان هذه الموارد، ما يقلص فرص الاستثمار في القطاعات المرتبطة بها ويؤثر على سلاسل القيمة المحلية.

ما أبرز الأسباب التي أدت إلى تفاقم الحرائق في سوريا؟

أدت سنوات الحرب الطويلة إلى تدمير البنية التحتية اللازمة للوقاية من الحرائق ومكافحتها، مثل شبكات المراقبة، ومعدات الإطفاء، ووسائل النقل المتخصصة. كما حدّت العقوبات الاقتصادية من قدرة الحكومة على استيراد المعدات الحديثة أو الحصول على التمويل اللازم لبرامج إدارة الغابات، ما جعل الاستجابة بطيئة ومحدودة عند اندلاع الحرائق.

إلى جانب ذلك، وجود ذخائر وألغام غير منفجرة في العديد من المناطق الحرجية والجبلية جعل من الصعب على فرق الإطفاء الوصول إلى بعض بؤر النيران أو تنفيذ عمليات وقائية، مثل تنظيف الغابات وإزالة الأعشاب الجافة، خوفًا من انفجار هذه المخلفات.

معظم الحرائق تبدأ نتيجة نشاطات بشرية، ولكن ارتفاع درجات الحرارة وزيادة فترات الجفاف، خاصة في فصل الصيف وخلال موجات الحر، جعلت الغابات أكثر عرضة للاشتعال، كما أدت إلى زيادة شدة الحرائق وصعوبة السيطرة عليها، مقارنةً بما كان عليه الوضع قبل عقدين.

ما أثر هذه الحرائق على التنوع البيولوجي في سوريا، خاصة في مناطق مثل جبال الساحل أو الغابات المتوسطية؟

  • زيادة الحرارة وفقدان التوازن البيئي: الغابات تساهم في تلطيف المناخ المحلي وتقليل شدة الحرارة، وغيابها يفاقم موجات الحر، ما يرفع تكاليف التبريد والطاقة.
  • تراجع التنوع البيولوجي: فقدان الغطاء النباتي يضر بالأنظمة البيئية التي تدعم الزراعة المستدامة، مثل الملقحات الطبيعية أو التربة الغنية بالمواد العضوية، ما يؤثر على الإنتاج الزراعي مستقبلاً.
  • تسريع تغير المناخ: الغابات تمتص الكربون، واحتراقها يطلق كميات ضخمة من غازات الدفيئة، ما يزيد من المخاطر المناخية على المدى البعيد، ويضاعف تكاليف التكيف مع آثاره

ينطلق COP30 في البرازيل هذا العام، وهي تضم معظم غابات الأمازون -رئة العالم- المتأثرة بسبب التغيرات المناخية؛ فهل من المتوقع أن يكون ملف حرائق الغابات حاضرًا بقوة هذا العام؟

من المرجح أن يحضر ملف حرائق الغابات بقوة في مؤتمر الأطراف COP30 المقرر انعقاده في البرازيل هذا العام، خصوصًا وأن الدولة تستضيف معظم غابات الأمازون، التي تُعد أكبر غابة مطيرة في العالم وأحد أهم مخازن الكربون على الكوكب. هذه الغابات تواجه ضغوطًا متزايدة من تغيّر المناخ وارتفاع درجات الحرارة، إلى جانب التوسع الزراعي وقطع الأشجار، ما يجعل حمايتها مسألة محورية في أي نقاش حول الحد من الانبعاثات وحماية النظم البيئية العالمية.

من المتوقع أن يكون التركيز على تعزيز السياسات الدولية والوطنية لحماية الغابات والأراضي، وضمان حقوق المجتمعات الأصلية التي تلعب دورًا أساسيًا في صون هذه المساحات. هذه القضايا ترتبط مباشرة بموقع انعقاد المؤتمر، وتُعد ركيزة أساسية في الجهود العالمية لتجنب أسوأ سيناريوهات تغيّر المناخ.

حرائق الغابات، سواء في الأمازون أو غيرها، تُضعف قدرة النظم البيئية على امتصاص الكربون وتزيد الانبعاثات، ما يجعلها جزءًا لا يتجزأ من النقاش حول الحد من الاحترار العالمي. لذلك من المتوقع أن تشهد الجلسات مداخلات تدعو إلى آليات تمويل وتنفيذ أكثر فاعلية لمكافحة الحرائق وتعزيز خطط التكيف.

إلى جانب ملف الغابات والحرائق، ستظل القضايا المناخية الكبرى الأخرى حاضرة بقوة، مثل:

  • تمويل المناخ للتكيف والخسائر والأضرار (L&D)، وهو ملف لم يُحسم بعد ويتطلب التزامات أوضح من الدول الغنية تجاه الدول النامية.
  • التخلص التدريجي من الوقود الأحفوري، الذي يمثل تحديًا سياسيًا واقتصاديًا كبيرًا، خاصة مع تباين مواقف الدول بشأن الجدول الزمني وآليات التنفيذ.

aXA6IDUxLjkxLjIyNC4xNDQg جزيرة ام اند امز FR



‫0 تعليق

اترك تعليقاً