تتجه الأنظار مجددا إلى الجناح الشرقي لحلف شمال الأطلسي، وتحديدا إلى رومانيا، حيث يجري بحث نشر مقاتلات أمريكية متطورة من طراز إف-35،
هذه الخطوة تراها العواصم الأوروبية جزءا لا يتجزأ من الضمانات الأمنية التي قد يقدمها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لإنهاء الحرب الروسية على أوكرانيا.
وفقا لتقارير غربية، فإن قادة عسكريين بارزين من بريطانيا وألمانيا وفرنسا وإيطاليا وفنلندا اجتمعوا في واشنطن مع رئيس هيئة الأركان الأمريكية المشتركة الجنرال دان كاين، لمناقشة تفاصيل الدعم الجوي المحتمل، بعد أن أكد ترامب استعداده لتوفير “مظلة جوية” دون الانخراط المباشر بقوات برية في الميدان الأوكراني.
لماذا رومانيا؟
وبحسب صحيفة التايمز البريطانية، فإن اختيار رومانيا ليس صدفة؛ فهي تمثل موقعًا استراتيجيًا في قلب الجناح الشرقي لحلف “الناتو”، وتشكل منصة طبيعية لمراقبة البحر الأسود وصد أي محاولة روسية لتوسيع نطاق الحرب.
وتشهد قاعدة ميهاي كوغالنيتشيانو الجوية القريبة من ميناء كونستانتا، والتي استخدمتها القوات الأمريكية سابقًا في حرب العراق، اليوم أكبر عملية توسعة في أوروبا ضمن بنية “الناتو” الدفاعية.
ونشر طائرات إف-35 في هذه القاعدة سيمنح الحلف قدرة استثنائية على الردع والإنذار المبكر، ويحول البحر الأسود إلى فضاء مراقب بالكامل من قبل الحلف.
موقف ترامب: لا قوات برية
كان الرئيس ترامب قد أوضح أنه لا ينوي إرسال قوات برية أمريكية إلى أوكرانيا، لكنه أبدى استعدادا لتقديم “دعم جوي” يشمل نشر مقاتلات، وتوفير المظلة الصاروخية الدفاعية، وتوسيع نطاق الاستطلاع الفضائي والجوي.
هذا الموقف يعكس رغبة في تحقيق توازن: من جهة، إرسال رسالة حازمة لموسكو؛ ومن جهة أخرى، تفادي التورط في مواجهة مباشرة قد تقود إلى صدام مفتوح مع روسيا.
المطالب الأوروبية لا تقتصر على الطائرات المقاتلة. فالعواصم الأوروبية تسعى إلى ضمان استمرار استخدام الأقمار الصناعية الأمريكية في توجيه أنظمة الملاحة وجمع المعلومات الاستخباراتية. وتزويد أوكرانيا بمنظومات دفاع جوي متقدمة مثل “باتريوت” و”ناسامز” لاعتراض الصواريخ الروسية.
وكذلك الحصول على موافقة أمريكية لتسيير طائرات استطلاع مثل “ريفِت جوينت” فوق البحر الأسود، وهي عمليات حيوية لكنها خاضعة لموافقة واشنطن لاعتبارات السيادة التقنية والاستخباراتية.
في هذا السياق، عرضت بريطانيا نشر مقاتلات “تايفون” في غرب أوكرانيا، إضافة إلى إرسال قوة برية يتراوح قوامها بين 3 آلاف و5 آلاف جندي لتدريب القوات الأوكرانية.
كما تدرس كل من فرنسا وكندا وأستراليا خطوات مماثلة، وإن كان ذلك يثير اعتراضا روسيا متزايدا.
الموقف الروسي
في المقابل، عبّرت موسكو عن رفضها لأي وجود عسكري غربي جديد، حيث اعتبر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن مفاوضات الضمانات الأمنية عبر “الناتو” هي “طريق مسدود”.
واستحضر لافروف مقترحات 2022 التي عُرضت في إسطنبول، والتي نصّت على منح الدول الخمس الدائمة في مجلس الأمن، بما فيها روسيا والصين، حق النقض (الفيتو) على أي دعم عسكري مقدم إلى أوكرانيا. مثل هذا المقترح من شأنه أن يمنح الكرملين القدرة على تعطيل أي جهد غربي لدعم كييف.
احتمالات الحلول الدبلوماسية
رغم الجمود، لمح لافروف إلى إمكانية رفع مستوى الوفود في المفاوضات مع أوكرانيا، لكنه شدد على أن أي قمة بين الرئيسين فلاديمير بوتين، وفولوديمير زيلينسكي تحتاج إلى تحضير دقيق حتى لا تتحول إلى مجرد حدث شكلي يزيد من التعقيد.
ورغم ثلاث جولات محادثات في إسطنبول هذا العام، لم تحقق المفاوضات أي اختراق ملموس.
aXA6IDUxLjkxLjIyNC4xNDQg جزيرة ام اند امز